عندما طلب السلطان يوسف من الإسبان القضاء على عبد الكريم الخطابي


لطالما شكلت مقاومة عبد الكريم الخطابي ضد الاستعمار الإسباني والفرنسي إحدى أبرز المحطات في التاريخ المغربي الحديث. وبينما ينظر إليه كبطل وطني في الريف، فإن علاقته بالسلطة المركزية في المغرب، ممثلة في السلطان مولاي يوسف، كانت معقدة ومليئة بالتناقضات. وفقًا للصحفي والباحث علي لمرابط، فإن السلطان يوسف لم يدعم الخطابي، بل طلب من الإسبان التخلص منه.



في تصريحات أدلى بها علي لمرابط، أوضح أن السلطان يوسف بن الحسن، الذي حكم بين 1912 و1927، لم يكن داعمًا لمقاومة الريف بقيادة الخطابي. بل على العكس، تواصل مع الإسبان في عام 1926 طالبًا منهم مساعدته في القضاء عليه. وقال لمرابط:

"من المعروف أن السلطان لم يكن مرتاحًا لصعود الخطابي، خاصة مع النجاح الذي حققه ضد الإسبان. وحين اقتربت نهاية المقاومة الريفية، لم يتدخل السلطان لدعمها، بل طلب من الإسبان إنهاء تمرد الخطابي."

هذا الموقف يعكس تناقضًا واضحًا بين أهداف المقاومة الريفية التي كانت تطمح إلى الاستقلال وطرد المستعمر، وبين سياسة السلطان الذي كان يعمل ضمن إطار الحماية الفرنسية. وأضاف لمرابط:

"السلطان يوسف كان يحكم تحت الحماية الفرنسية، وبالتالي لم يكن ليقف إلى جانب الخطابي، الذي شكل تهديدًا للمصالح الفرنسية والإسبانية في المنطقة."

يشير لمرابط إلى أن السلطان لم يكتف بعدم دعم الخطابي، بل إنه لم يتدخل عندما قرر الفرنسيون تسليمه لهم بعد استسلامه للإسبان. وقال:

"بعد أن استسلم الخطابي للإسبان، لم يتدخل السلطان لإنقاذه، بل تُرك لمصيره حتى تم تسليمه للفرنسيين، الذين نفوه إلى جزيرة ريونيون."

وهذا يعكس كيف كانت السلطة المركزية في المغرب حينها جزءًا من التوازنات الاستعمارية، حيث لم تكن لديها القدرة أو الإرادة السياسية لدعم الحركات المقاومة خارج إطار الاتفاقات التي فرضتها فرنسا وإسبانيا.

رغم أهمية هذه المعلومات، فإن البحث التاريخي حول علاقة السلطان يوسف بالخطابي لا يزال معقدًا بسبب شح المصادر، كما يؤكد لمرابط:

"المصادر التاريخية حول هذه الفترة نادرة، وأرشيفات إسبانيا وفرنسا تحتوي على معلومات مهمة لكنها غير متاحة بسهولة للباحثين المغاربة."

وأضاف:

"المؤرخون الفرنسيون والإسبان كتبوا كثيرًا عن هذه الفترة، لكن دائمًا من زاوية استعمارية، مما يتطلب قراءة نقدية لما ورد في هذه المصادر."

وأشار أيضًا إلى أهمية الوثائق الدبلوماسية الفرنسية والإسبانية، التي تكشف تفاصيل العلاقات بين السلطان يوسف والقوى الاستعمارية، لكن الوصول إليها لا يزال محدودًا.

إن العلاقة بين السلطان يوسف وعبد الكريم الخطابي تعكس مدى تعقيد المرحلة الاستعمارية في المغرب، حيث كان هناك صراع بين السلطة المركزية التي عملت ضمن إطار الحماية الفرنسية، والمقاومة التي سعت إلى الاستقلال الكامل. وكما أوضح علي لمرابط، فإن طلب السلطان يوسف من الإسبان التخلص من الخطابي كان خطوة حاسمة في إنهاء المقاومة الريفية، وهو ما يدعو إلى إعادة قراءة هذه المرحلة من منظور أعمق وأكثر شمولية، يعتمد على الوثائق المخفية في الأرشيفات الأجنبية.

تعليقات