مذكرات سعيدة العلمي ( الجزء الأول)

⚀ أدب السجون   << مذكرات>>
⏺الجزء الاول

               ✴تفاصيل باردة✴ 

---
 
أنا حامِلٌ رَمادَ القُرونِ في جَفنَيّ،  
وأسئلتي سَكاكينُ في خاصِرَةِ الوُجودْ.  
كُلّما اكْتَمَلَ البُكاءُ..  
انفَجَرَ البُكاءُ!  

قلبي قَلعةٌ مِن صَخرٍ أُوحفوري،  
تَعصُرُها ريحُ الغُروبِ..  
فَتُنْتِجُ المَزيدَ مِنَ الرِّياحْ.  

في عُروقي تَسْكُبُ الأنهارُ نَارَها،  
وفي رِئَتَيَّ بَراكينُ تَشْتَعلُ بالحرية الحمراء.  
أيُّها المَوتُ المُتَنَكِّرُ في مِهادِ الفَجْرِ،  
لَستَ إلّا وَهْمَ الغُيومِ..  
وأنَا لَستُ إلّا وَهْمَ المَطَرِِْ.  

أُسائِلُ اللَّيلَ: مَن أطفَأ المصابيحَ في دِمَشي؟  
فَيَضحَكُ مِنّي الظَّلامُ..  
ويَرميني بوِشَاحِ سَوَادِهِ.  

هكذا..  
كُلَّما ازدَحَمَ الغِيابُ بِأحلامي،  
صِرتُ أكتُبُ عَنكَ يَا وُجودُ..  
بِلُغَةِ التَشَظِي وَالرَّمادْ!!..

كِتابُ الكَونِ مَفْتُوحٌ عَلى الأقدارِ،
وسُطُورُ الزمنِ تَمحُوهَا الرِياحُ..
الجَمِيعُ يَبْحثُ عَنْ مَعْنَى يمْلؤُهُ!
ترَى الجَوابَ فِي كثْرّةِ النُبَاحِ!؟

-----

هذه الصفحات ليست للبكاء على الماضي، ولا لتزكية ذهنية الانتقام المشتهاة!؟ بل هي لإشعال بقايا شمعة في عبثية واقع أحمق، أُُريد له أن يحاصر الوجود في حيز ضيّق !؟ هي صفحات كُتب لها النور كي أقول للجلادين أينما وجدوا! أن السيف يصدأ وكل ظلم يدفن تحت تراب إرادة الحياة... فلتكن هذه السطور دليلا لكل من يبحث عن النور في عتمة البيداء... 
هذا الكتاب ليس مجرد سرد لأحداث وقعت في مكان يتعالى وزمن يُحيّن! بل هو عبارة عن إضاءة ثلاثية الابعاد تكشف السر المكنون، الذي يمنح للبشر القدرة على الصمود وسط معمعان وجودي تعافه النفس البشرية!؟ ذلك السر الذي يجعل الشخص قادرا على اختراق جدران اليأس العاتية وقلب موازين القوى من الشمال إلى الجنوب..
كتبت بالنار.. كتبت بماء زمزم... ثم كتبت بأظافري.. حيث كانت الكلمات تنساب كنباتات برية، لتشق الاسمنت وتصعد نحو السماء، محملة بروح من رفضوا أن تموت انسانيتهم؟ روح من رفضوا  أن تلغى ذواتهم ويسلب حقهم في الوجود!
في زنزانة العزلة تتحول الأيام إلى لغز مكنون! والفضاء إلى قائد اوركسترا يعزف لحنا سرمديا!؟ بالله عليكم كيف للوقت أن يكون ثقيلا هكذا كالرصاص! فالوجود الإنساني أعظم من أن يُحبس في فضاء!؟...
فلأنني تعلمت أن الحرية ليست جسدا يمشي وإنما عقل يتسع لجميع الأسئلة.. لم تفلح أغلال السادية في خنق صوتي ولا كسر إرادتي، التي رضعتها من قساوة محطات الحياة المتلاطمة! فقد ظلت اناشيدي تتسرب من شقوق الزنزانة (لا رقم لها) لتذكّر العالم أن الحرية ليست موطنا!؟ وإنما قلب ينازع حتى آخر نبضة...

               .....يتبع

الدارالبيضاء 01/02/2025

Saida EL Alami

تعليقات