احتجاز سائحة بريطانية بمراكش: استثناء صادم للأجانب… وروتين يومي للمغاربة!
في حادثة أثارت جدلًا واسعًا، احتُجزت سائحة بريطانية داخل مصحة خاصة بمراكش، بعد تعرضها لأزمة قلبية، وذلك بسبب عدم قدرتها على دفع فاتورة العلاج. الواقعة لقيت استنكارًا واسعًا من منظمات حقوقية، ودفعت المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام إلى إصدار بيان شديد اللهجة، مندّدًا بما اعتبره "احتجازًا غير قانوني وانتهاكًا صارخًا للحقوق الإنسانية".
لكن، هل هذه الحادثة صادمة فعلًا؟ أم أنها مجرد استثناء في عالم من الظلم الصحي الذي يعانيه المغاربة يوميًا؟ فبينما تحركت المنظمات الحقوقية والإعلام الدولي للدفاع عن السائحة البريطانية، يجد آلاف المغاربة أنفسهم في مواقف مشابهة كل يوم، دون أن يلتفت إليهم أحد!
كم من مغربي يُمنع من دخول المستشفيات والمصحات لأنه لا يملك المال؟ كم من مريض يُترك يصارع الموت على أبواب الطوارئ لأن "الضمان المالي" لم يُقدَّم؟ كم من عائلة فقيرة تحتجز جثة ميتها داخل المصحات، رهينة لديون مستحقة؟ الفارق الوحيد بين هذه الحالات وقضية السائحة البريطانية هو أن الأولى تُعتبر "روتينًا عاديًا"، بينما الثانية تحوّلت إلى "فضيحة مدوّية" لأنها مست مواطنة أجنبية!
المنظومة الصحية في المغرب ليست فقط فاسدة، بل مجرّدة من أي بعد إنساني. تتحوّل المصحات إلى سجون، ويتحوّل الأطباء إلى محصّلي ديون، ويصبح العلاج امتيازًا للأغنياء لا حقًا للمواطنين. أما النقابات والجمعيات التي يُفترض بها الدفاع عن حق المغاربة في التطبيب، فهي غائبة أو متواطئة، تكتفي بالبيانات المناسبة حين يكون المتضرر أجنبيًا، بينما تصمت صمت القبور عندما يكون الضحية مغربيًا بسيطًا!
الحادثة ليست استثناءً، بل هي مرآة تعكس الواقع البشع لمنظومتنا الصحية، حيث يُعامل المواطن المغربي وكأنه لا قيمة له، إلا إذا كان يحمل جواز سفر أجنبي يضمن له تضامن العالم مع قضيته!
تعليقات
إرسال تعليق